ومعناه : أن يعظم الهلال وكبره، فيرى الهلال حين طلوعه أكبر مما هو معتاد في أول الشهر، فيرى وهو ابن ليلة كأنه ابن ليلتين.
هكذا فسر العلماء، قال السفاريني في لوامع الأنوار وهو من العلماء المتأخرين : وهي من العلامات التي بدأ ظهورها ولا تزال في ازدياد وتكامل. لوامع الأنوار (2/68) .
وقال بعض العلماء هي من العلامات التي لم تقع بعد .
ومن التغيرات التي تكون في الأرض أيضاً قبيل قيام الساعة أن تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً .
وهذه من الأشراط غير المذمومة كما تقدم تقسيم الأشراط، إلى أشراط مذمومة وأشراط لا تدل على ذمٍ في ذاتها، فقال -عليه الصلاة والسلام- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ, وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا)). مسلم (157).
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :" المقصود بأرض العرب الجزيرة العربية" فتاوى إسلامية (4/156).
" فترجع مُروجاً ورياضا كما كانت بنباتاتها وأشجارها وأثمارها, وتُخلى فيها الدواب لتسرح مختلطة كيف شاءت، وتعود مياهها كثيرة, وأنهارها جارية بسبب كثرة الأمطار". مرقاة المفاتيح (15/433).
وقوله ((حتى ترى ما هاهنا وهاهنا)) لمعاذ في غزوة تبوك مروجاً وأنهارا فيه بيان للمزيد من هذا يحدث في تلك الجهة في شمال الجزيرة حول تبوك .
ومن الأشراط والعلامات أيضاً التي ستحدث انحسار نهر الفرات، ونقص المياه ونزول المنسوب، فقال -عليه الصلاة والسلام- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ, فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ, سَارُوا إِلَيْهِ, فيَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ, فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ, وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو)). مسلم (2894) (2895).
وفي رواية: (( فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا )). البخاري (1179).
ومعنى قوله يحسر الفرات : أي يذهب ماءه فينكشف عن كنز عظيم مثل الجبل، وقد أخبر عنه أنه من الذهب، ((عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ)) كما جاء في رواية، ومعلوم أن الذهب أصفر، وأنه الجبل فوق الأرض، وأن حسر الماء إنما يكون سبب الظهور، فقام بعض الجهلة بتفسيره بالبترول، وهذا غباء ومخالفة لما ورد في النص واللغة العربية، وكثير من الذين يتكلمون في جوانب يظنونها من الإعجاز في القرآن والسنة من الجهلة باللغة العربية، وبتفسير العلماء، فيلجئون إلى عقولهم المجردة على شيء من الثقافة والدكترة لكي يصبوا جام جهلهم بجانب هذه النصوص .
والذهب أصفر معروف، والجبل ما ارتفع عن الأرض، وذاك أسود في باطنها، وإنما يستخرج استخراجا، وكذلك فإن الأخذ من هذا ممكن كما يدل عليه ظاهر الحديث، ولذلك نهي عن الأخذ، لماذا ؟
" لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والاقتتال عليه " أ.هـ فتح الباري (13/81).
" ولأنه مستعقِبٌ للبليات, وهو آية من الآيات ". أ.هـ عمدة القاري (35/186).
وهذا فيه تنبيه من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ترك الطمع، فإن بعض الناس لا يزال يزداد طمعه وشرهه، ويكون بين الناس مقتلة عظيمة حتى يهلك تسعة وتسعون بالمائة من الناس الذين اجتمعوا يريدون الثروة، وحذرنا -عليه الصلاة والسلام- من الأخذ وأن يلجم الإنسان نفسه .
ومن التغيرات أيضاً التي ستكون كثرة المطر وقلة النبات، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- : ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُمْطَرَ النَّاسُ مَطَرًا عَامًّا, وَلَا تَنْبُتَ الْأَرْضُ شَيْئًا)). أحمد (12021).
وهذا من المصائب العظام والعقوبات العامة، فهي أمطار كثيرة مغرقة لكن الأرض لا تنبت بسببها، وقال -عليه الصلاة والسلام- : ((لَيْسَتْ السَّنَةُ [أي: الجدب والقحط] بِأَنْ لا تُمْطَرُوا, وَلَكِنْ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا, وَتُمْطَرُوا, وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا)) مسلم (2904).
وهذا من أنواع القحط فليس القحط فقط أن لا ينزل المطر، لكن أن ينزل فلا تنبت الأرض، لماذا؟ لأن المعاصي التي عملت عليها منعت من ظهور نباتها .
ومن التغيرات أيضاً خروج كنوز الأرض وراء الدجال، وقد ورد أنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوزها، قال -عليه الصلاة والسلام- : ((.. ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ –أي الدجال- فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ –أي يكفرون به - فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ -أي قد أصابهم القحط والجدب- لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ..)).. مسلم (5228).
( يَعَاسِيب النَّحْل) هِيَ ذُكُور النَّحْل، وقيل: ويقصد جَمَاعَة النَّحْل.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى:
" ويأتي إلى الخربة.. أرض خربة ما بها بناء ولا أناس، فيقول: أيتها الأرض أخرجي كنوزك فتخرج كنوزها وما بها من معادن من ذهب وفضة وغير ذلك فتتبعه كيعاسيب النحل. شرح رياض الصالحين.