إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الأحداث والتغيرات قبل قيام الساعة
عباد الله يقول ربنا تبارك وتعالى {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ} (مريم: من الآية40). ولا بد أن تقوم الساعة، {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الحديد: من الآية10). والله -عز وجل- إذا أذن بخراب العالم والنفخ في الصور، فإنه يجري قبل ذلك أحداثاً عظيمة في الأرض وفي السماء، وتغيرات رهيبة، تصيب أهل الأرض، في أشراط الساعة وإنذاراتها، وعلاماتها وأمارتها، ما الذي سيكون قبيل خراب العالم، وكلما اقترب الزمن من قيام الساعة حصل في الأرض أحداث مؤذنة بذلك، ولذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أمور من الاضطراب والفوضى التي تصيب الناس من كثر الهرج والقتل، وكذلك ما يصيب العالم العلوي والسفلي، ما يصيب الأرض في جوها، ما يصيبها في قرارها، وما يصيبها في هوائها ومائها ومطرها وشمسها، ستحدث في آخر الزمان من الأقدار العظيمة التي يجريها الله تعالى زلازل وهزات، فتن وحروب وقتل وموتان عام، والله -عز وجل- يوقظ بهذه الأحداث الغافلين، وينبّه العاصين، ونحن نرى في الأرض اليوم تغيرات، تارة بغبارٍ عارم، وتارة بسيلٍ جارف، وتارة بزلازل، تغيرت الأجواء، هذا يلمسه الكبير والصغير، تغير الأجواء، وهذا التغير ونحن في آخر الزمن، ولا شك أنه نذير بقرب تغيرات أخرى أكبر وأشمل، أعظم وقعاً وأخطر.
ذكر بعض الأحداث والأشراط
فماذا أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من العلامات والأمارات التي تكون قبل أشراط الساعة مما يتعلق بالأرض وجوها وبالسماء وشمسها، قال -صلى الله عليه وسلم- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى)) البخاري (7118) ومسلم.
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع في عام 654 هـ،وكانت نار عظيمة، وأفاض العلماء ممن عاصروا ظهورها ومن بعدهم في وصفها،
وَقَالَ النَّوَوِيّ: تَوَاتَرَ الْعِلْم بِخُرُوجِ هَذِهِ النَّار عِنْدَ جَمِيع أَهْل الشَّام. فتح الباري
وقال ابن حجر: " وهي النَّار الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَة ". فتح الباري
ونقل ابن كثير أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي "التَّذْكِرَة": قَدْ خَرَجَتْ نَار بِالْحِجَازِ بِالْمَدِينَةِ, وَكَانَ بَدْؤُهَا زَلْزَلَة عَظِيمَة فِي لَيْلَة الْأَرْبِعَاء بَعْدَ الْعَتَمَة الثَّالِث مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاسْتَمَرَّتْ إِلَى ضُحَى النَّهَار يَوْمَ الْجُمُعَة فَسَكَنَتْ....". فتح الباري.
قال ابن حجر رحمه الله : "وَقَالَ لِي بَعْض أَصْحَابنَا: رَأَيْتهَا صَاعِدَة فِي الْهَوَاء مِنْ نَحْو خَمْسَة أَيَّام, وَسَمِعْت أَنَّهَا رُؤِيَتْ مِنْ مَكَّة وَمِنْ جِبَال بُصْرَى". فتح الباري